إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
145194 مشاهدة print word pdf
line-top
التحذير من الجمع بين أعمال الحج وفعل المعاصي

المحرمون في هذا اليوم، في هذه العبادة؛ يتجنبون محظورات الإحرام.
بالنسبة للرجال يكشفون رءوسهم. لا يغطي الرجل رأسه؛ بل يكشف رأسه، فلا يغطي رأسه؛ لأن هذا شعار –علامة- على أنه محرم.
كذلك- أيضا- لا يقص من شعره ولا من أظفاره؛ لأن هذا تنعم. كذلك لا يستعمل الطيب؛ لأن هذا تنعم وترفه.
مأمور بأن يكون شعثا أغبر؛ وذلك مما يضاعف الله تعالى به الأجر، يعظم به الأجر للمتقين؛ لذلك إذا بقي على إحرامه مدة اغبر شعر رأسه، وصار شعثا؛ وهذا مما يحبه الله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره .
يتجنب المحرم محظورات الإحرام؛ فلا يغطي رأسه، ولا يلبس الثياب المفصلة على قدر جزء من البدن، ولا يقص من شعره، ولا من أظفاره، ولا يتطيب، ولا يقتل الصيد، ولا يعقد النكاح، ولا يباشر، ولا يجامع. هذه يتجنبها.
كذلك- أيضا- يتجنب المعاصي، ويتجنب الفسوق؛ قال الله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ أي: فَمَنْ فَرَضَ ؛ يعني أحرم بالحج في هذه الأيام؛ فعليه أن يتجنب هذا.
بالنسبة إلى الرفث هو ما يتعلق بالنساء؛ الكلام الذي يتعلق بالنساء وبالعورات. وبالنسبة إلى الفسوق هو كل ذنب وكل معصية سواء كانت معتادة -قد تعود عليها الإنسان في أول حياته- أو أنها شيء جديد يتجنبه المحرم.
بالنسبة إلى الجدال المجادلة التي هي منازعة ومخاصمة بغير فائدة. هذا أيضا يتجنبه فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ أي: يتجنب هذا حتى بذلك يتم حجكم.
معروف أن المحرم في عبادة؛ متلبس بهذه العبادة، وإذا كان كذلك؛ فإن عليه أن يتحفظ؛ عليه أن يحفظ نفسه؛ لا يجمع بين عبادة ومعصية، لا يكون طائعا وعاصيا في وقت واحد؛ لأنه إذا تقرب إلى الله تعالى بهذه الطاعة حمته وحفظته عن المعصية؛ فإذا تكلم تكلم بخير. لا يتكلم بسباب، ولا بسخرية، ولا غيبة، أو نميمة، ولا أذى. لا يؤذي أحدا بلسانه؛ هذا ممنوع حتى من غير المحرم.
ذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل له: إن فلانة تذكر من صلاتها وصيامها وصدقتها ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها؛ فقال: هي في النار وقال: إن فلانة تذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها ولا تؤذي جيرانها بلسانها؛ قال: هي في الجنة يكون هذا عاما للرجال والنساء، الذين يؤذون الناس ويتكلمون فيهم بكلام قبيح؛ يعتبرون قد تعرضوا للعذاب.

line-bottom